فصل: (سورة الزمر: الآيات 1- 2):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

تميز ختام سورة الزمر بذكر أحوال القيامة والتحميد والتسبيح كما تميز بالجزالة في اللفظ ولسنا نعني بالجزالة أن يكون اللفظ وحشيا متوعرا عليه عنجهية البداوة بل نعني بها أن يكون اللفظ متينا قويا على عذوبة في الفم وحلاوة جرسه في السمع، ولو نظرنا إلى قوارع القرآن عند ذكر الحساب والعذاب والميزان والصراط وعند ذكر الموت ومفارقة الدنيا وما جرى هذا المجرى فإننا لا نرى شيئا من ذلك وحشي الألفاظ ولا متوعرا موغلا في الجساوة والنبو، وسنعمد إلى إيضاح ما ورد فيها من فنون.
1- المجاز:
فأولها المجاز في قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} فإن قبض اللّه الأرض عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته، يقال: فلان في قبضتي يعني أنه في قدرته باعتبار ما يئول اليه لأن القابض يتصرف بما يقبضه كيف يشاء والقبضة المرة من القبض والمراد بالأرض الأرضون السبع يشهد لذلك شاهدان أولهما قوله جميعا والثاني قوله السموات، وطي السموات والأرض مجاز أيضا ليس يريد به طيا كما نفهمه وإنما المراد به الذهاب والفناء، واليمين في كلام العرب تأتي بمعنى القدرة والملك كما قدمنا.
2- الفرق بين السوقين:
وفي قوله {وسيق} بالنسبة لأهل النار وأهل الجنة إذ عبر عن الذهاب بالفريقين جميعا بلفظ واحد فن دقيق المسلك وهو أن يأتي المتكلم بكلمة واحدة فتكون تارة دالة على الهوان والعقاب ثم يأتي بها ثانية فتكون دالة على الإكرام وحسن الثواب، وما أجمل قول الزمخشري في هذا الصدد قال: فإن قلت كيف عبر عن الذهاب بالفريقين جميعا بلفظ السوق؟ قلت: المراد بسوق أهل النار طردهم إليها بالهوان والعنف كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل والمراد بسوق أهل الجنة سوق مراكبهم لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين وحثها إسراعا إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك فشتان ما بين السوقين.

.الفوائد:

1- أقوال المعربين في جواب إذا:
أفاض المعربون كثيرا في جواب إذا والسر في مجيء الواو بقوله {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} وقد أوردنا في باب الإعراب ما اخترناه، أما السمين فقد لخص أقوال المعربين بقوله: في جواب إذا ثلاثة أوجه أحدها قوله وفتحت والواو زائدة وهو رأي الكوفيين والأخفش وإنما جيء هاهنا بالواو دون التي قبلها لأن أبواب السجون مغلقة إلى أن يجيئها صاحب الجريمة فتفتح له ثم تغلق عليه فناسب ذلك عدم الواو فيها بخلاف أبواب السرور والفرح فإنها تفتح انتظارا لمن يدخلها والثاني أن الجواب محذوف قال الزمخشري وحقه أن يقدر بعد خالدين يعني لأنه لا يجيء بعد متعلقات الشرط ما عطف عليه والتقدير: اطمأنوا وقدره المبرد سعدوا وعلى هذين الوجهين فتكون الجملة من قوله وفتحت أبوابها في محل نصب على الحال وسمى بعضهم هذه الواو واو الثمانية قال لأن أبواب الجنة ثمانية وكذا قالوا في قوله تعالى: {وثامنهم كلبهم} وقيل تقديره حتى إذا جاءوها جاءوها وفتحت أبوابها يعني أن الجواب بلفظ الشرط ولكنه يزيد بتقييده بالحال فلذلك صح.
2- فصل ممتع للرماني:
هذا وننقل فيما يلي خلاصة وافية للفصل الذي عقده علي بن عيسى الرماني في تفسيره الكبير المفقود، وكم يؤسفنا أن يضيع هذا الكتاب بين سمع الأرض وبصرها، ولكن الذي يعزينا أن السيوطي نقل عنه كثيرا وذكره كل من ترجم للمؤلف فقد كان الرماني نحويا متكلما وكان شيخ العربية في زمانه شغوفا بالمنطق حتى غلب عليه في جميع تآليفه وكلامه، قيل للصاحب: هلا صنفت تفسيرا؟ فقال: وهل ترك لنا علي بن عيسى شيئا؟ وكان الرماني نفسه يقول: تفسيري بستان تجتني منه ما تشتهي وقد اشتهر تفسيره بين الناس.
وكثر ذكره في كتبهم ولم يصل إلينا هذا التفسير فهو يقول في صدد دراسته لسر الجمال في القرآن عند ما يتحدث عن هذه الآية: كأنه قيل حصلوا على النعيم المقيم الذي لا يشوبه التنغيص والتكدير وإنما صار الحذف في مثل هذا أبلغ من الذكر لأن النفس تذهب فيه كل مذهب ولو ذكر الجواب لقصر عن الوجه الذي تضمنه البيان. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الزمر:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: {تنزيل الكتاب} هو مبتدأ، و{من الله} الخبر، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أي هذا تنزيل، ومن متعلقة بالمصدر، أو حال من الكتاب، و{الدين} منصوب بمخلص، ومخلصا حال، وأجاز الفراء له الدين بالرفع على أنه مستأنف {والذين اتخذوا} مبتدأ، والخبر محذوف: أي يقولون ما نعبدهم، و{زلفى} مصدر أو حال مؤكدة {يكور} حال أو مستأنف، و{يخلقكم} مستأنف، و{خلقا} مصدر منه، وفي يتعلق به أو بخلق الثاني لأن الإول مؤكد فلا يعمل، و{ربكم} نعت أو بدل، وأما الخبر فالله، و{له الملك} خبر ثان أو مستأنف، ويجوز أن يكون الله بدلا من ذلك، والخبر له الملك، و{لاإله إلا هو} مستأنف أو خبر آخر، و{يرضه لكم} بضم الهاء واختلاسها وإسكانها، وقد ذكر مثله في {يؤده إليك} و{منيبا} حال، و{منه} يتعلق بخول أو صفة لنعمة.
قوله تعالى: {أمن هو قانت} يقرأ بالتشديد، والأصل أم من، فأم للاستفهام منقطعة: أي بل أم من هو قانت، وقيل هي متصلة تقديره: أم من يعصى، أم من هو مطيع مستويان، وحذف الخبر لدلالة قوله تعالى: {هل يستوى الذين} ويقرأ بالتخفيف، وفيه الاستفهام، والمعادل، والخبر محذوفان، وقيل هي همزة النداء، و{ساجدا وقائما} حالان من الضمير في قانت، أو من الضمير في {يحذر} و{بغير حساب} حال من الأجر: أي موفرا، أو من الصابرين: أي غير محاسبين {قل الله} هو منصوب ب {أعبد}.
قوله تعالى: {ظلل} هو مبتدأ، ولهم الخبر فيه الجار، وأن يكون حالا من ظلل، والتقدير النار نعت لظلل، و{الطاغوت} مؤنث قوله تعالى: {أفمن} مبتدأ، والخبر محذوف دل على العامل فيه قوله {لهم غرف} لأنه كقوله قوله تعالى: {ثم يجعله} الجمهور على الر أن يضمر معه إن والمعطوف عليه أن الله أنزل في أول الآية، تقديره: ألم تر إنزال الله، أو إلى إنزال ثم جعله، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير ترى: أي ثم ترى جعله حطاما.
قوله تعالى: {أفمن شرح الله} و{أفمن يتقى بوجهه} الحكم فيهما كالحكم في قوله تعالى: {أفمن حق عليه} وقد ذكر.
قوله تعالى: {كتابا} هو بدل من أحسن، و{تقشعر} نعت ثالث.
قوله تعالى: {قرآنا} هو حال من القرآن موطئة، والحال في المعنى.
قوله تعالى: {عربيا} وقيل انتصب بيتذكرون.
قوله تعالى: {مثلا رجلا} رجلا بدل من مثل، وقد ذكر في قوله {مثلا قرية} في النحل، و{فيه شركاء} الجملة صفة لرجل، وفي يتعلق ب {متشاكسون} وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدإ عليه، ومثلا تمييز.
قوله تعالى: {والذى} {بالصدق} المعنى على الجمع، وقد ذكر مثله في قوله: {مثلهم كمثل الذى}.
قوله تعالى: {كاشفات ضره} يقرأ بالتنوين وبالإضافة وهو ظاهر.
قوله تعالى: {قل اللهم فاطر السموات} مثل: {قل اللهم مالك الملك}.
قوله تعالى: {بل هي} هي ضمير البلوى أو الحال.
قوله تعالى: {أن تقول} هو مفعول له: أي أنذرناكم مخافة أن تقول: يا حسرتا الألف مبدلة من ياء المتكلم، وقرئ {حسرتاى} وهو بعيد، وقد وجهت على أن الباء زيدت بعد الألف المنقلبة.
وقال آخرون: بل الألف زائدة، وهذا أبعد لما فيه من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وفتحت الكاف في {جاءتك} حملا على المخاطب وهو إنسان، ومن كسر حمله على تأنيث النفس.
قوله تعالى: {وجوههم مسودة} الجملة حال من الذين كفروا، لأن ترى من رؤية العين، وقيل هي بمعنى العلم، فتكون الجملة مفعولا ثانيا، ولو قرئ وجوههم مسودة بالنصب لكان على بدل الاشتمال، و{مفازتهم} على الإفراد لأنه مصدر، وعلى الجمع لاختلاف المصدر كالحلوم والإشغال، وقيل المفازة هنا الطريق، والمعنى في مفازتهم {لا يمسهم السوء} حال.
قوله تعالى: {أفغير الله} في إعرابها أوجه: أحدها أن غير منصوب ب {أعبد} مقدما عليه، وقد ضعف هذا الوجه من حيث كان التقدير أن اعبد، فعند ذلك يفضى إلى تقديم الصلة على الموصول وليس بشئ لأن أن ليست في اللفظ، فلا يبقى عملها فلو قدرنا بقاء حكمها لأفضى إلى حذ ف الموصول وبقاء صلته، وذلك لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.
والوجه الثاني أن يكو منصوبا بتأمرونى وأعبد بدل منه، والتقدير قل أفتأمروني بعبادة غير الله عز وجل، وهذا من بدل الاشتمال ومن باب أمرتك الخير.
والثالث أن غير منصوب بفعل محذوف: أي أفتلزمونى غير الله، وفسره ما بعده، وقيل لا موضع لأعبد من الإعراب، وقيل هو حال، والعمل على الوجهين الأوثين، وأما النون فمشددة على الأصل، وقد خففت بحذف الثانية وقد ذكر نظائره.
قوله {والأرض} مبتدأ، و{قبضته} الخبر، وجميعا حال من الأرض والتقدير: إذا كانت مجتمعة قبضته: أي مقبوضة، فالعامل في إذا المصدر، لأنه بمعنى المفعول، وقد ذكر أبو على في الحجة التقدير: ذات قبضته، وقد رد عليه ذلك بأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبله، وهذا لا يصح لأنه الآن غير مضاف إليه، وبعد حذف المضاف لا يبقى حكمه، ويقرأ {قبضته} بالنصب على معنى في قبضته، وهو ضعيف لأن هذا الظرف محدود، فهو كقولك زيد الدار {والسموات مطويات} مبتدأ والخبر، و{بيمينه} متعلق بالخبر، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون خبرا ثانيا، وقرئ {مطويات} بالكسر على الحال، وبيمينه الخبر، وقيل الخبر محذوف: أي والسموات قبضته، و{زمرا} الموضعين حال {وفتحت} الواو زائدة عند قوم، لأن الكلام جواب حتى وليست زائدة عند المحققين، والجواب محذوف تقديره: اطمأنوا ونحو ذلك، و{نتبوأ} حال من الفاعل أو المفعول، و{حيث} هنا مفعول به كما ذكرنا في قوله تعالى: {وكلا منها رغدا حيث شئتما} في أحد الوجوه، و{حافين} حال من الملائكة، و{يسبحون} حال من الضمير في حافين، والله أعلم. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة الزمر:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.[سورة الزمر: الآيات 1- 2]:

{تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)} {تَنْزِيلُ} مبتدأ {الْكِتابِ} مضاف إليه {مِنَ اللَّهِ} لفظ الجلالة مجرور بمن متعلقان بخبر المبتدأ {الْعَزِيزِ} بدل {الْحَكِيمِ} بدل أيضا من لفظ الجلالة {إِنَّا} إن واسمها والجملة مستأنفة {أَنْزَلْنا} ماض وفاعله والجملة خبر إن {إِلَيْكَ} متعلقان بأنزلنا {الْكِتابَ} مفعول به {بِالْحَقِّ} متعلقان بأنزلنا {فَاعْبُدِ} الفاء الفصيحة وأمر فاعله مستتر {اللَّهَ} لفظ الجلالة مفعول به {مُخْلِصًا} حال {لَهُ} متعلقان بمخلصا {الدِّينَ} مفعول به لاسم الفاعل.

.[سورة الزمر: آية 3]:

{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} {أَلا} حرف تنبيه واستفتاح {لِلَّهِ} لفظ الجلالة مجرور باللام خبر مقدم {الدِّينُ} مبتدأ مؤخر {الْخالِصُ} صفة والجملة ابتدائية لا محل لها {وَالَّذِينَ} الواو حرف استئناف ومبتدأ {اتَّخَذُوا} ماض وفاعله والجملة الفعلية صلته {مِنْ دُونِهِ} متعلقان بمحذوف حال {أَوْلِياءَ} مفعول به ما نافية {نَعْبُدُهُمْ} مضارع مرفوع فاعله مستتر والهاء مفعوله {أَلا} حرف حصر والجملة خبر الذين {لِيُقَرِّبُونا} اللام للتعليل ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والواو فاعله ونا مفعوله والمصدر المؤول في محل جر باللام وهما متعلقان بنعبدهم {إِلَى اللَّهِ} لفظ الجلالة مجرور بإلى متعلقان بيقربونا {زُلْفى} مفعول مطلق {إِنَّ اللَّهَ} إن ولفظ الجلالة اسمها {يَحْكُمُ} مضارع مرفوع فاعله مستتر {بَيْنَهُمْ} ظرف مكان والجملة خبر إن {فِي ما} متعلقان بيحكم {هُمْ} مبتدأ {فِيهِ} متعلقان بيختلفون {يَخْتَلِفُونَ} مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الاسمية صلة وجملة يختلفون خبر المبتدأ {إِنَّ اللَّهَ} إن ولفظ الجلالة اسمها لا نافية {يَهْدِي} مضارع مرفوع فاعله مستتر وجملة يهدي خبر إن مِنْ موصولية مفعول به {هُوَ} مبتدأ {كاذِبٌ} خبر أول {كَفَّارٌ} خبر ثان والجملة الاسمية صلة من وجملة إن تعليل لما سبق.